منتدي جرٍوٍح إنسآن
إعجاز القرآن Saggr-8aa270efff
منتدي جرٍوٍح إنسآن
إعجاز القرآن Saggr-8aa270efff
منتدي جرٍوٍح إنسآن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدي جرٍوٍح إنسآن


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 إعجاز القرآن

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
صقر المنصوره
مُؤَسِّسُ الْمَوْقِعِ
مُؤَسِّسُ الْمَوْقِعِ
صقر المنصوره


ذكر
السرطان
عدد المساهمات : 171
العمر : 35

إعجاز القرآن Empty
مُساهمةموضوع: إعجاز القرآن   إعجاز القرآن Emptyالثلاثاء سبتمبر 25, 2012 8:51 pm


[size=25]إعجاز القرآن
للشيخ
صالح بن عبد العزيز آل الشيخ

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
اللهم إنا نسألك علما نافعا، وعملا صالحا، وقلبا خاشعا، ودعاء مسموعا،
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملا، يا أرحم
الراحمين.
وكالعادة ريثما يجتمع الإخوة نجيب عن بعض الأسئلة.
س1/ قال: ما حكم سب الدهر؟
ج/ سب الدهر محرم؛ لأنه إيذاء لله جل وعلا، كما قال جل وعلا في الحديث
القدسي «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار»، فسب
الدهر بمعنى أن يتنقّصه أو أن ينسب إليه الأفعال القبيحة وأشباه ذلك، فهذا
في الواقع لا يتوجه للدهر؛ لأن الدهر يقلَّب الدهر ليس يفعل شيئا، وإنما
يتوجه إلى من جعل الدهر على هذه المثابة، ومن جعل الدهر على هذه الصفة،
وهو الله جل وعلا، لهذا قال «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب
الليل والنهار»، فمسبة الدهر حرام وإيذاء لله جل وعلا.
وقوله جل وعلا في الحديث القدسي (وأنا الدهر) لا يُفهم منه أن الدهر من
أسماء الله جل وعلا؛ بل يعلم أن الذي سب الدهر وقعت مسبته على الله جل
وعلا؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يُصرِّف الدهر كيف يشاء.
إذا تبين ذلك قد ذكرنا مرارا أنّ وصف الدهر بأوصاف مما يقع فيه من الأوصاف
المشينة ليست مسبّة للدهر، فقول القائل هذا يوم أسود أو هذا الشهر شهر
نحس أو نحو ذلك، فإن هذا ليس بمسبة للدهر لأن هذا وصف لما يقع في الدهر
لما يقع في اليوم أو ما وقع فيه، لما يقع في الشهر أو لما يقع فيه، وهذا
كما قال جل وعلا ?فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ?[القمر:19]، وقال سبحانه
?فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا?[فصلت:16] فوصف الله جل وعلا الأيام التي عزز بها الكفرة أنها
أيام نحيسة، فمثل هذا ليس بسب للدهر؛ لأن هذا لأنه وصف لما وقع فيه
بالإضافة إلى المخلوق.
س2/ قال: هل يدخل في سب الدهر قول القائل الدهر باطل والزمان غدار ونحو ذلك؟
ج/ الجواب: نعم أن هذا من التنقص، وهذا من سب الدهر؛ لأن الدهر لا يبغي
على أحد ولكن الذي قدر الدهر وقدر فيه ما قدر هو الله جل جلاله.
س3/ هل آية الرجم المعروفة تعتبر من كلام الله، غير أنها منسوخة ولا يجوز التعبد يتلاوتها؟
ج/ الجواب: نعم، كل آية نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام فهي من كلام
الله جل وعلا، سواء أكانت باقية أم كانت منسوخة، كما قال جل وعلا ?مَا
نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ
مِثْلِهَا?[البقرة:106]، وفي القراءة الأخرى (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ
نَنْسَأْهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) فالآية التي نُسخت
قرآن ولكن نسخت تلاوتها والتعبد بذلك، وحكمها منسوخة، وهذا إذا كانت
منسوخة، وإذا لم تكن الآية منسوخة فإنه قد تُترك آية بغير النسخ كما قال
(نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا).
س4/ يستخدم بعض الكُتاَّب ألفاظ منسوبة إلى القرآن كقولهم: قال القرآن، أو
تحدث القرآن، فَنَّدَ القرآن هذه الشبهة، هل يصح الحكم عليها بأنها
متفرعة عن القول بخلق القرآن؟
ج/ الجواب:لا؛ لأنّ هذه الكلمات جرت على كثير من أئمة أهل العلم السابقين،
يقولون قال القرآن، ورد القرآن ونحو ذلك، فينسبون الفعل إلى القرآن،
ومعلوم أن القرآن كلام الله جل وعلا، وفي الحقيقة القائل هو الله جل وعلا،
كأنهم قالوا قال الله في القرآن، تحدث الله بالقرآن، وردّ الله في القرآن،
وأشباه ذلك.
س5/ ما حكم تقليد الأئمة أثناء قراءة الإمام في الصلاة؟ بلغنا عنك أنك تحرم ذلك ونريد التأكد.
ج/ المشكلة في بعض الشباب أنه يأخذ الحكم وما يفهم الصورة التي انجر
الكلام عليها، تقليد الأئمة!! إيش معنى تقليد الأئمة، ما معناه؟ سمع مقطع
بحث في الموضوع بحثناه هنا في المسجد، وما فهم المسألة فقال أنت تحرم
تقليد الأئمة، ولو سألناه ما معنى تقليد الأئمة؟ ما عرف الجواب، لهذا دائما
أوصيكم بأن تحرص على فهم المسألة قبل الحكم؛ لأنك قد تنزل الحكم الحل أو
التحريم على غير المسألة التي تكلم عليها العلماء، فالكلام ينبغي أن يفهم
أولا تفهم الصورة، ما الذي تتحدث عنه قبل أن تعرف الحكم والدليل، حتى إذا
اتضحت الصورة بعد ذلك يأتي الدليل ويأتي الحكم، وقد ذكرنا لكم في كيفية
دراسة الفقه، كيفية دراسة العقيدة، أنّ أول مرحلة لدراسة العقيدة ولدراسة
الفقه:
* أن تعرف ألفاظ الكلام لغة أهل العقيدة، لغة أهل الفقه التي يتحدثون بها.
* ثم ثانيا أنْ تفهم صورة المسألة التي تتحدث بها.
ذكرنا لكم سبع نُقاط في الفقه وفي العقيدة التي من تدرج فيها أحسن تصور المسائل وفهم الدليل والتدليل والخلاف إلى غير ذلك.
فهذه المسألة تقليد الأئمة أثناء القراءة -قراءة الإمام في الصلاة- هذه
غير واضحة وإن كنت أعرف ماذا تحدثنا به، تقليد الأئمة ما معناه، تقليد
الأئمة، الذي تكلمنا عنه التلفيق بين قراءة القرّاء في الصلاة الواحدة؛
يعني أن يقرأ قارئ بقراءة عاصم برواية حفص ويقرأ أيضا بورش، هذا تلفيق ولا
يصلح، يقرأ بالقراءة التامة حتى وهو منفرد يعني في غير جماعة، إذا قرأ
منفردا ما يجوز له أن يلفق يقرأ آية بقراءة حفص عن عاصم ثم يقلب بقالون عن
نافع ثم يقلب إلى كذا، هذا تلفيق، والقراءة سَنَن قال جل وعلا ?فَإِذَا
قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ?[القيامة:18]، أنت تتبع قراءة القارئ
التي نقلها عن الصحابة رضوان الله عليهم ولا تلفق في القراءة، التلفيق في
القراءة لا يجوز.
نعم... إذا كان يقصد تقليد الأئمة يعني محاكاة الصوت: أن يقرأ مثلا بقراءة
الشريم أو بقراءة السديس أو بقراءة علي جابر، هذا ما [ظننت] أن تكلمت فيه
بحل أو بحرمة.
س6/ كان من الردود على المعتزلة في الدرس الماضي أنهم إذا أرادوا تأويل
صفة الكلام فإنه يترتب عليه نفي الصفات التي أثبتها المعتزلة، مع أنه قد
تقرر في كثير من الدروس أنّ المعتزلة لا يثبتون أي صفة من الصفات، فما
الجواب؟
ج/ الجواب: أن الذي قررناه وهو المعروف أنّ المعتزلة يثبتون ثلاثة صفات،
وأنّ الذين لا يثبتون إلا صفة الوجود المطلق بشرط الإطلاق هم الجهمية.
وكل من اثبت صفة من الصفات ونفى الباقي فإنه يطعن بإثباته على ما نفاه.
مثلا يقال لمن أثبت صفة الوجود قالوا إن الله جل وعلا ليس له إلا صفة
الوجود فقط؛ الوجود المطلق، يقال له: لم نفيتَ غيرها من الصفات؟ لم نفيت
صفة العلم؟ لم نفيت صفة الكلام؟ لم نفيت صفة المحبة؟ بل سيقول: إن هذه
الصفات تستلزم المشابهة التمثيل أو التشبيه، فيقال: لم؟ فيقول: لأن المخلوق
يتكلم، فكيف نقول إن الله يتكلم والمخلوق يتكلم، معناه فيه تشبيه. يقول:
إن الله يحب والمخلوق يحب معناه إن هذا فيه تشبيه. فكذلك يقال: الصفة التي
أثبتها وهي الوجود أيضا مشتركة، فالمخلوق موجود وتقول الله جل وعلا
موجود، المعتزلة يثبتون القدرة لله جل وعلا، والمخلوق عنده قدرة، فما
الفرق ما بين ما أثبت وما بين ما نفى؟ الوجود أيضا مشترك في التشبيه، إذا
قلنا إن وجود الصفة من حيث هي في المخلوق في الله جل وعلا هذا تشبيه فإذن
الوجود فيه تشبيه، والله جل وعلا موجود والبشر موجودون إذن ثَم تشبيه،
فالصفة التي أثبتها فيها تشبيه وهو يريد أن ينفي التشبيه أن ينفي الصفات
الأخرى لأجل التشبيه.
كذلك نأتي للأشاعرة نقول أنتم أثبتم سبع صفات السمع والبصر والعلم
والكلام... إلى آخره، فنقول لم أوَّلتم صفة الوجه؟ لم أوَّلتم صفة اليدين؟
لم أوّلتم صفة الغضب، صفة الرضا، صفة المحبة، صفة الرحمة، إلى غير ذلك،
يقولون؛ لأنّ هذه تستلزم التشبيه، نقول: كذلك صفة السمع تستلزم التشبيه،
كذلك صفة البصر تستلزم التشبيه، كذلك صفة الإرادة؛ الله جل وعلا يريد
والإنسان يريد، لماذا نقول إن هذا فيه تشبيه؟ يريد الجميع منهم على اختلاف
فرقهم بأن إرادة الله جل وعلا مختلفة عن الإرادة المخلوق، وأن قدرة الله
جل وعلا مختلفة عن قدرة المخلوق.
نقول إذن كل باقي الصفات مثل هذا الأصل فكلام الله جل وعلا يختلف عن كلام
المخلوق ورحمة الله تختلف عن رحمة المخلوق فإثبات الصفات إثبات وجود؛ إثبات
لفظ ومعنى لا إثبات كيفية، فلا اشتراك في الكيفية، الله جل وعلا ?لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ?[الشورى:11]، فكما أنه
سبحانه له سمع يليق بجلاله وعظمته فكذلك له بصر يليق بجلاله وعظمته، له
كلام يليق بجلاله وعظمته، وسمع الإنسان وبصر الإنسان وكلام الإنسان هذا
يليق بحال الإنسان.
فإذن الاشتراك في أصل الصفة، أما الكيفية وتمام المعنى فهذه لا اشتراك فيها.
فإذن كل مؤول للصفات من الفرق يلزمه التناقض، كل من أول يلزمه التناقض؛ بل
كل أهل البدع دائما في التناقض؛ لأنه يتناقض، ولو أعملوا القاعدة وأمعنوا
النظر للقرآن والسنة وما قاله السلف والصالح لما صار التناقض في أبواب
الاعتقاد أبدا، ولكنهم تارة يثبتون وتارة يتأولون بعقولهم لأنهم خلطوا
قولا سنيا وآخر عقليا.
س7/ هل معنى قول من قال أن القرآن مخلوق يعني مثل أعضائنا وغير ذلك من المخلوقات ؟
ج/ الجواب: لا، يقولون القرآن مخلوق؛ يعني أنّ الله سبحانه خلق هذا الكلام
وسماه قرآنا، أو أنّ الله جل وعلا خلقه في نفس جبريل فعبر جبريل بذلك،
ليس يعني أن ثَم شيء مخلوق صفته يعني يمس ويحس مثل الأعضاء، لا، خلق هذا
شيء يعني أنه ليس صفة له خلقه في نفس جبريل وعبر جبريل عما وجده في نفسه.
س8/ كيف نوفق بين كون الله تكلم بالقرآن وأنّ القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ؟
ج/ الجواب: أن مرتبة الكتابة أو جهة الكتابة للقرآن غير جهة الكلام، فالله
جل وعلا يعلم ما سينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم ?فَإِلَّمْ
يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ
اللَّهِ?[هود:14]، فالله سبحانه يعلم أن هذا القرآن -هذا الكلام- سينزله
على عبده عليه الصلاة والسلام، فجعل هذا الذي سينزله مكتوبا تشريفا له
وتعظيما لمكانته لمكانة هذا القرآن؛ ولأنه حجة الله الباقية إلى قيام
الساعة، أما التكلم فكلام الله جل وعلا بالقرآن إنما هو حين أراد أن يبعث
محمدا عليه الصلاة والسلام، أو حين أراد أن ينبهه.
أما نزول القرآن جملة في السماء الدنيا فهذا أيضا عند من قال به مكتوب لا نزول مسموع.
س9/ هذا يقول: إذا خلوت بنفسي تراودني نفسي على فعل المعصية وأحاول
المجاهدة لكنها تغلبني، مع أن ظاهري الصلاح، فهل يعدّ هذا من الخلوة بمحارم
الله علما بأني أستر على نفسي؟
ج/ الجواب: أن العبد المؤمن إذا من الله عليه بالنفس اللوامة فإنه على
خير، النفس التي تلومه على فعل الذنب وتحسن له فعل الخير، وقد جاء في
الأثر: إذا سرّتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت المؤمن، أو المؤمن تسره حسنته
وتسوؤه سيئته.
وإذا ابتلى الله جل وعلا العبد بذنب فإنه إذا عمله في خلوة أيسر مما إذا
عمله في علن أو جهر به؛ لأن الله جل وعلا يستر على عبده، قد ثبت في صحيح
البخاري أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال «كل أمتي معافى -يعني يغفر له
بالأسباب- إلا المجاهرون»، «كل أمتي معافى إلا المجاهرون»، قالوا: ومن
المجاهرون يا رسول الله؟ قال «من يصبح وقد ستر الله عليه ذنبه فيصبح يتحدث
للناس بما فعل في ليلته»، فالعبد إذا أبتلي بمعصية فإن المعصية إذا كانت
سرا لم تضر إلا صاحبها، ويمنّ الله جل وعلا على عبده المنيب بالمغفرة،
وأما إذا تحدث بها فإنها المجاهرة بمعصية الله يتحدث فعلت وفعلت من باب
الاستعلاء وعدم رعاية حق الله في المعصية والاستهانة بالمعصية والتهاون
بها.
لهذا قال بعض أهل العلم: إن العبد قد يعمل كبيرة من الكبائر فتظل نفسُه
تلومه وتلومه وتلومه حتى يغفر الله جل وعلا له تلك المعصية الكبيرة
باستغفاره وبإنابته، وإن العبد ليفعل المعصية من الصغائر فيظل يتهاون بها
يتهاون بها ولا يراها شيئا حتى تؤول به إلى كبيرة.
وقد ثبت في الصحيح أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن الرجل الكافر -أو
قال المنافق- إذا همّ بالمعصية فكأنما مرّ على أنفه ذباب فقال به هكذا
–يعني ليست بشيء، بعد فترة قليلة كأنه ما عمل شيئا- وإن العبد المؤمن أو
قال الصالح إذا فعل معصية فكأنما على رأسه جبل يخشى أن يقع عليه. فالعبد
المؤمن إذا كان تسرّه حسنته..... (1) وفعلت وقابل ونظر وغشيت وكذا وكذا
وإلى آخر ذلك مفاخرا بذلك متهاونا به.
نسأل الله جل وعلا للجميع المغفرة والتوبة والإنابة وأن يمن علينا بالعمل الصالح وبمغفرة الذنوب جميعها. اقرأ
??(??
( فمن سمِعَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ كلامُ البشرِ، فَقَدْ كَفَرَ، وقد ذمَّهُ
الله وعابَهُ وأوعَدهُ بسَقَر، حيث قال تعالى?سَأُصْلِيهِ
سَقَرَ?[المدثر:26]، فَلَمَّا أَوْعَدَ اللهُ بِسَقَرٍ لمنْ قال ?إِنْ
هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ?[المدثر:25]، عَلِمْنَا وأَيْقَنَّا أنه
قولُ خالقِ البَشرِ، ولا يُشْبِهُ قولَ البشر.
وَمَنْ وَصَفَ الله بِمعنَى مِنْ مَعاني البشر، فقدْ كَفَر، فمن أبْصَرَ
هذا اعْتَبر، وعَنْ مِثْلِ قول الكفَّارِ انْزَجَر، وعَلِمَ أنَّه بصفاته
ليسَ كالبشر.
[الشرح]
الحمد لله حق حمده وصلى الله وسلم على نبيه وعبده، وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليما مزيدا.
أما بعد:
قد مضى الكلام في الدرس الماضي عن كلام الله جل وعلا، وعلى أن القرآن كلام
الحق سبحانه وتعالى، وعلى أنّ القرآن كلام الله جل وعلا بحروفه ومعانيه،
وأنّ الله سبحانه تكلم به، فمنه بدأ فسمعه منه جبريل عليه السلام، وبلغه
إلى النبي عليه الصلاة والسلام.
وتقدم لنا إبطالَ قول القائل إن القرآن مخلوق، أو أنَّ الكلام عبارة عن
كلام الله، أو قال أن كلام الله جل وعلا [محدث] وكلام الله جل وعلا قديم،
ونحو ذلك من أقوال أهل البدع والضلالات؛ من أقوال المعتزلة والأشاعرة
والفلاسفة وغلاة الصوفية، وتقدم لنا ذلك مختصرا في أوجه الرد على أولئك.
وفي مسألة الكلام النفسي ذكرنا بعض الأوجه، وسبق أن تقدم لنا في شرح
الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية ردود مزيدة على ما ذكرنا، وقد ردّ شيخ
الإسلام ابن تيمية على من قال بالكلام النفسي بتسعين وجها، في رسالة
مطبوعة سميت التسعينية؛ لأنها اشتملت على تسعين وجها تردّ قول من قال إن
كلام الله جل وعلا نفسي؛ يعني أنه لم يتكلم بصوت يسمع وإنما ألقى ما أراده
بروع جبريل.
هذه الجملة التي سمعناها الليلة متصلة بالبحث نفسه، قال (فمن سمِعَهُ-يعني
القرآن- فَزَعَمَ أَنَّهُ كلامُ البشرِ، فَقَدْ كَفَرَ، وقد ذمَّهُ الله
وعابَهُ وأوعَدهُ بسَقَر، حيث قال تعالى? سَأُصْلِيهِ سَقَرَ?[المدثر:26]،
فَلَمَّا أَوْعَدَ اللهُ بِسَقَرٍ لمنْ قال ?إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ
الْبَشَرِ?[المدثر:25]، عَلِمْنَا وأَيْقَنَّا أنه قولُ خالقِ البَشرِ، ولا
يُشْبِهُ قولَ البشر، وَمَنْ وَصَفَ الله بِمعنَى مِنْ مَعاني البشر،
فقدْ كَفَر، فمن أبْصَرَ هذا اعْتَبر، وعَنْ مِثْلِ قول الكفَّارِ
انْزَجَر، وعَلِمَ أنَّه بصفاته ليسَ كالبشر.)
هذه الجمل مشتملة على تقرير مسألة عظيمة، وهي أن كلام الله جل وعلا لا
يشبه قول البشر، وكيف يشبه قول البشر وهو كلام الباري جل وعلا الذي لا
يشبه بصفاته البشر، فالبشر لهم صفاتهم في كلامهم وفي سمعهم وبصرهم
وإدراكاتهم وأعضائهم، والله جل وعلا له صفات في كلامه وفي سمعه وبصره
وجميع صفاته فلا يشبه في صفاته -التي منها كلامه- لا يشبه صفات البشر.
فمن قال عن القرآن إنه قول بشر، أو إنه مخلوق، أو هو قول جبريل، أو نحو
ذلك، وليس بقول الله جل وعلا، أو أنه كلام جبريل وليس بكلام الله جل وعلا
فإنّ هذا كافر بالله العظيم؛ لأن من قال إنّ القرآن كلام البشر فإن هذا
كفر، كما قال سبحانه ?إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ(25)سَأُصْلِيهِ
سَقَرَ?[المدثر:25-26] لقول الوليد.
إذا تبين لك ذلكن فإنهم قالوا أيضا -أي المشركون- قالوا: إنما يعلمه بشر.
كما قال سبحانه ?وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا
يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ
وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ?[النحل:103]، فالذين أبوا هداية القرآن
وأبوا الإذعان له وصفوا القرآن بصفات:
* قال بعضهم: هو كِهانة.
* وقال بعضهم: هو شعر.
* وقال بعضهم: هو قول بشر.
* وقال بعضهم: أساطير الأولين.
وكل هذه الأقوال يعلمون أنما هي لتنفير الناس عن قبول هذا القرآن، فلقد
تواعد كما هو معلوم في القصة ثلاثة من كفار قريش ألا يأتوا إلى النبي صلى
الله عليه وسلم، بل قبل ذلك وكلهم كان يراد بالقرآن، ذهب أحد هؤلاء إلى
النبي عليه الصلاة والسلام في الليل يسمع قراءته للقرآن، ولما ذهب وجد
فلانا وفلانا فإذا بهم ثلاثة يسمعون القرآن لما له من سلطان على نفوسهم،
ثم لما رجعوا تقابلوا في الطريق، فتواعدوا ألا يسمعوا مرة أخرى لهذا
القرآن؛ لأجل ألا يراهم بعض العامة وبعض الناس فلا يقبل قولهم في رد
القرآن، ثم لما جاء من الليلة الثانية اجتمعوا أيضا ثم صارت أيضا ثالثة
حتى رأوا أنهم لابد أن يتفارقوا على ذلك، ?وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا
تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ
تَغْلِبُونَ(26)فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا
شَدِيدًا?[فصلت:26-27].
كذلك لما أرسل الوليد أو عقبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليفاوضه في شأن
القرآن وأن يترك هذا الأمر، قال له: يا محمد إن أردت ملكا ملكناك، وإن
أردت مالا جمعنا لك من المال ما تكون به أغنى العرب، وإن أردت نساء نظرنا
في أجمل نساء العرب فأتينا بهن إليك. فقال عليه الصلاة والسلام له هذا
الذي عندك؟ اسمع فتلا عليه صدر سورة فصلت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ ? حم(1)تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(2)كِتَابٌ
فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(3)بَشِيرًا
وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ?[فصلت:1-4]
ومر عليه الصلاة والسلام في التلاوة حتى بلغ قوله تعالى ?فَإِنْ
أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ
وَثَمُودَ?[فصلت:13] فالتفت إليه الرجل وقال حسبك الآن، فرجع إلى قومه لما
رأوه مقبلا، قالوا لقد أتاكم فلان بوجه غير الوجه الذي ذهب به، فلما حضر،
قالوا ما عندك يا فلان؟
فقال: إني سمعت كلاما ليس هو بالشعر، وليس هو بالكهانة، وليس هو بالكلام
الذي نألف، إن له لحلاوة، وإن عليه لطُلاوة -أو طَلاوة أو طِلاوة مثلثة-
وإن أسفله لمورق، وإن أعلاه لمثمر، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه.
فتبين بذلك أن أولئك الذين قالوا هو كهانة هو شعر وهو قول البشر أنهم هم
الذين ردوا على أنفسهم ?وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ
ظُلْمًا وَعُلُوًّا?[النمل:14].
هذه المسألة يمكن أن نمر عليها فيما ذكر بشيء من التقرير العام كما فعل
الشارح؛ لكن هذه المسألة متصلة ببحث عظيم، وهو بحث دلائل النبوة؛ لأن كون
القرآن لا يشبه كلام البشر ولا يشبه قول البشر هو المسألة الموسومة عند
العلماء بمسألة إعجاز القرآن وأن القرآن معجز، وهذه ولاشك مسألة مهمة قلّ
بل أن تتعرض لها كتب العقائد، ولها صلة ببحث دلائل النبوة فهي في التوحيد؛
لأن صلتها تارة بدلائل النبوة من كون القرآن معجزا ودليلا على صحة نبوة
محمد عليه الصلاة والسلام، وأنه منزل من عند الله، ومن جهة أخرى لها صلة
بمبحث كلام الله جل وعلا وهو أن القرآن لا يشبه كلام البشر وأن كلام الله
جل وعلا ليس ككلام البشر.
فلا بأس إذن أن نقرر هذه المسألة وهي المسألة الموسومة بإعجاز القرآن؛
لأجل ندرة الكلام عليها في كتب العقائد مفصلة، ونذكر منها بعض ما يناسب
هذه الدروس المختصرة.
لتقرير هذه المسألة وهي مسألة إعجاز القرآن، وقد تكلم فيها أنواع من الناس
من جميع الفرق والمذاهب، نجعل البحث فيها في مسائل، نقول:
المسألة الأولى: أن لفظ الإعجاز لم يرد في الكتاب ولا في السنة، وإنما جاء
في القرآن وفي السنة أنّ ما يعطيه الله جل وعلا للأنبياء والرسل وما آتاه
محمد عليه الصلاة والسلام هو آية وبرهان على نبوته، فلفظ المعجزة لم يأتِ
كما ذكرنا من قبل في الكتاب ولا في السنة وإنما هو لفظ حادث ولا بأس
باستعماله إذا عني به المعنى الصحيح الذي سيأتي.
الذي جاء في القرآن الآيات والبراهين؛ لكن العلماء استعملوا لفظ الإعجاز
لسبب، وهو أن القرآن تحدى الله جل وعلا به العرب، تحدى الله جل وعلا العرب
بأن يأتوا بمثله، أو أن يأتوا بعشر سور مثله أو أن يأتوا بسورة من مثله،
فلما تحداهم فلم يغلبوا، ولم يأتوا بما تحداهم به، فدل ذلك على عجزهم،
وذلك بسبب أن القرآن معجز لهم فلم يأتوا بمثله، قال جل وعلا ?قُلْ لَئِنْ
اجْتَمَعَتْ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا
الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
ظَهِيرًا?[الإسراء:88]، وقال جل وعلا ?قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ
مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ
إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(13)فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا
أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ
أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ?[هود:13-14].
إذا تبين ذلك فالتحدي لما وقع وعجزوا، وهم يريدون أي وسيلة لمعارضة القرآن
وإثبات أنه قول البشر، فاتوا بمثل عشر سور، ائتوا بمثله، ائتوا بسورة من
مثله، لما عجزوا سمى العلماء فعلهم ذلك أو عجزهم سموه: مسألة إعجاز
القرآن؛ لأجل التحدي وعجز الكفار أن يأتوا بمثله.
المسألة الثانية: أن كلام الله جل وعلا هو المعجز، وليس أنّ الله جل وعلا أعجز لأجل السماع، أعجز لما أنزل القرآن.
والفرق بين المسألتين أن الإعجاز صفة القرآن، ولكن لا يقال أن الله جل وعلا
أعجز البشر عن الإتيان بمثل هذا القرآن؛ لأن هذا القول يتضمن، بل يدل على
أنهم قادرون لكن الله جل وعلا سلبهم القدرة على هذه المعارضة.
فإذن الإعجاز والبرهان والآية والدليل في القرآن نفسه لم؟ لأنه كلام الله
جل وعلا، ولا يقال إنّ الله جل وعلا أعجز الناس، أن يأتوا بمثل هذا
القرآن، أو صرفهم عن ذلك، كما هي أقوال يأتي بيانها.
فإذن تنتبه على أن تعبير أهل العلم في بهذه المسألة أن القرآن آية فآية
محمد عليه الصلاة والسلام القرآن، آية نبوته وآية رسالته القرآن؛ بل محمد
عليه الصلاة والسلام لما سمع كلام الله جل وعلا خاف عليه الصلاة والسلام،
فلما فجأه الوحي وهو بغار حراء فأتاه جبريل فَقَالَ له: اقْرَأْ. قَالَ:
«مَا أَنَا بِقَارِئٍ» فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ».
قَالَ ?اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1)خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ
عَلَقٍ?[العلق:1-2] إلى آخر ما أنزل في أول ما نبئ النبي عليه الصلاة
والسلام، فرجع بها عليه الصلاة والسلام يرجف بها فؤاده؛ لأن هذا الكلام لا
يشبه كلام أحد، ولم يتحمله عليه الصلاة والسلام لا في ألفاظه ومعانيه
ولفظه، ولا أيضا في صفة الوحي والتنزيل، فما استطاع عليه الصلاة والسلام
أن يتحمل ذلك فرجع بهن -يعني بالآيات- يرجف بها فؤاده عليه الصلاة والسلام
إلى آخر القصة.
إذن فالنبي عليه الصلاة والسلام أول ما جاء الوحي لم يتحمل هذا الذي جاءه،
لم؟ لأنه كلام الله جل وعلا، وأما كلام البشر فإنه يتحمله لما سمع منه.
المسألة الثالثة: أقوال الناس في إعجاز القرآن.
مسألة إعجاز القرآن -كما ذكرنا- لها صلة بدلائل النبوة، والقرآن معجز لمن؟
للجن والإنس جميعا؛ بل معجز لكل المخلوقات لم؟ لأنه كلام الله جل وعلا،
كلام الله جل وعلا لا يشبه كلام الخلق، وكون القرآن معجزا، راجع إلى أشياء
كثيرة يأتي فيها البيان.
فاختلف الناس في وجه الإعجاز لجل أن إعجاز القرآن دليل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام في أقوال:
القول الأول: ذهب إليه طائفة من المعتزلة ومن غيرهم حتى من المعاصرين
الذين تأثروا بالمدرسة العقلية في الصفات والكلام، قالوا: إنّ القرآن
الإعجاز فيه إنما هو بصرف البشر عن معارضته، وإلا فالعرب قادرة على معارضته
في الأصل؛ لكنهم صُرفوا عن معارضته، فهذا الصرف هو قدرة الله جل وعلا، لا
يمكن للنبي عليه الصلاة والسلام أن يصرفهم جميعا عن معارضته، وهذا الصرف
لابد أن يكون من قوة تملك هؤلاء جميعا وهي قوة الله جل وعلا.
فإذن الصرفة التي تسمع عنها، القول بالصرفة؛ يعني أن الله صرف البشر عن معارضة هذا القرآن، وإلا فإن العرب قادرون على المعارضة.
وهذا القول هو القول المشهور الذي ينسب للنظام وجماعة بما هو معلوم.
وهذا القول يرده أشياء نقتصر منها على دليلين: الدليل الأول سمعي نقلي من القرآن، والدليل الثاني عقلي.
أما الدليل القرآني فهو قول الله جل وعلا ?قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ
الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا
يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
ظَهِيرًا?[الإسراء:88]، فالله جل وعلا أثبت أنّ الإنس والجن لو اجتمعت على
أن تأتي بمثل هذا القرآن وصار بعضهم لبعض معينا بالإتيان بمثل هذا القرآن
أنهم لن يأتوا بمثله، وهذا إثبات لقدرتهم على ذلك؛ لأن اجتماعهم مع سلب
القدرة عنهم بمنزلة اجتماع الأموات لتحصيل شيء من الأشياء، فالله جل وعلا
بيّن أنهم لو اجتمعوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن وكان بعضهم لبعض معينا
وظهيرا على المعارضة، فإنهم لن يستطيعوا أن يأتوا بمثل هذا القرآن، فأثبت
لهم القدرة لو اجتمعوا قادرين وبعضهم لبعض يعين، لكنهم سيعجزون عن قدرهم
التي ستجتمع وسيكون بعضهم لبعض معينا على المعارضة، وهذه الآية هي التي
احتج بها المعتزلة على إعجاز القرآن، ففيها الدليل ضدهم على بطلان الصرفة.
أما الدليل الثاني وهو الدليل العقلي أن الأمة أجمعت من جميع الفرق
والمذاهب أن الإعجاز ينسب ويضاف إلى القرآن ولا يضاف إلى الله جل وعلا، فلا
يقال إعجاز الله بالقرآن، وإنما يقال باتفاق الجميع وبلا خلاف هو إعجاز
القرآن، فإضافة الإعجاز إلى القرآن تدل على أن القرآن معجز في نفسه، وليس
الإعجاز من الله بصفة القدرة؛ لأننا لو قلنا الإعجاز إعجاز الله بقدرته
الناس عن الإتيان بمثل هذا القرآن، فيكون الإعجاز بأمر خارج عن القرآن،
فلما أجمعت الأمة من جميع الفئات والمذاهب على أنّ الإعجاز وصف للقرآن
علمنا بُطلان أن يكون الإعجاز صفة لقدرة الله جل وعلا؛ لأن من قال بالصرفة
بأن الله سلبهم القدرة هذا راجع الإعجاز -يعني تعجيز أولئك- راجع إلى صفة
القدرة وهذه صفة الربوبية.
إذن لا يكون القرآن معجزا في نفسه، وإنما تكون المعجزة في قدرة الله جل وعلا على ذلك، وهذا لاشك أنه دليل قوي في إبطال قول هؤلاء.
لهذا المعتزلة المتأخرون ذهبوا على خلاف قول المتقدمين في الإعجاز بالصرفة؛ لأن قولهم لا يستقيم لا نقلا ولا عقلا.
المذهب الثاني: من المذاهب في إعجاز القرآن، من قال القرآن معجز بألفاظه،
فألفاظ القرآن بلغت المنتهى في الفصاحة؛ لأنّ البلاغيين يعرفون الفصاحة:
فصاحة المفرد في سلامته من نُفرة فيه من غرابته
فالقرآن مشتمل على أعلا الفصيح في الألفاظ، ولما تأمل أصحاب هذا القول
جميع أقوال العرب في خطبهم وأشعارهم، وجدوا أن كلام المتكلم لابد أن يشتمل
على لفظ داني في الفصاحة، ولا يستقيم في كلام أي أحد -في المعلقات وفي خطب
العرب ولا نثرهم ولا في مراسلاتهم إلى آخره- لا يستقيم أن يكون كلامهم
دائما في أعلى الفصاحة، فنظروا إلى هذه الجهة فقالوا الفصاحة هي دليل
إعجاز القرآن لأن العرب عاجزون.
وهذا ليس بجيد؛ لأن القرآن اسم للألفاظ والمعاني، والله جل وعلا تحدى أن
يؤتى بمثل هذا القرآن، أو بمثل عشر سور مثله مفتريات -كما زعموا- وهذه
المثلية إنما هي باللفظ وبالمعنى جميعا وبصورة الكلام المتركبة.

[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www9.forum.st
حبيبة
عُضْوُ مَحَتَرٍفُ
عُضْوُ مَحَتَرٍفُ
حبيبة


انثى
الجدي
عدد المساهمات : 33
العمر : 35

إعجاز القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: إعجاز القرآن   إعجاز القرآن Emptyالثلاثاء سبتمبر 25, 2012 10:56 pm

كل الشكر والامتنان على
روعهـ طرحك
.................. دائما متميز في الانتقاء
ونترقب المزيد من جديدك الرائع
ودي لك ❤
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://jrw7alm7bh.7uw.net/vb/index.php
صقر المنصوره
مُؤَسِّسُ الْمَوْقِعِ
مُؤَسِّسُ الْمَوْقِعِ
صقر المنصوره


ذكر
السرطان
عدد المساهمات : 171
العمر : 35

إعجاز القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: إعجاز القرآن   إعجاز القرآن Emptyالسبت أكتوبر 20, 2012 9:37 pm

نورتي موضووعى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www9.forum.st
عاشقة الصداقة
عُضْوُ جَدِيدِ
عُضْوُ جَدِيدِ
عاشقة الصداقة


عدد المساهمات : 11

إعجاز القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: إعجاز القرآن   إعجاز القرآن Emptyالأحد أكتوبر 21, 2012 5:10 pm

موضيعك مميزة

جعلهاالله في ميزان حسناتك

ونفع بها نفسك وغيرك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صقر المنصوره
مُؤَسِّسُ الْمَوْقِعِ
مُؤَسِّسُ الْمَوْقِعِ
صقر المنصوره


ذكر
السرطان
عدد المساهمات : 171
العمر : 35

إعجاز القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: إعجاز القرآن   إعجاز القرآن Emptyالثلاثاء أكتوبر 23, 2012 11:28 pm

يسلمووو ع مررووك الطيب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www9.forum.st
 
إعجاز القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أول وآخر ما نزل من القرآن الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي جرٍوٍح إنسآن :: ©؛°¨°][ المنتديات الإسلاميــه ][°¨°؛© :: ۩ منتدى القرآن الكريم وعلومة ۩-
انتقل الى: